عالم الجمال في آسيا مليء بالأسرار والتفاصيل الدقيقة التي تجعل كل ثقافة تمتلك لمستها الخاصة. وعندما نتحدث عن المكياج الياباني والمكياج الكوري، نجد أن كلاهما يعكس فلسفة الجمال الخاصة بكل مجتمع. قد يبدوان متشابهين من النظرة الأولى لأنهما يركزان على المظهر الطبيعي والبشرة الصحية، لكن في الحقيقة، هناك اختلافات جوهرية في الأسلوب، الألوان، التقنيات، وحتى الفلسفة وراء كل منهما.
في هذا المقال، سأشاركك نظرة شاملة وخبرة عملية لفهم ما الفرق بين المكياج الياباني والكوري، وأيّهما يناسبك أكثر بناءً على نوع بشرتك وذوقك الشخصي.
فلسفة الجمال في اليابان وكوريا
قبل أن نتعمق في تفاصيل المكياج الياباني والمكياج الكوري، من المهم أن نفهم نظرة كل ثقافة للجمال.
في اليابان، الجمال مرتبط بالبساطة والنقاء، أي أن الهدف هو إبراز الملامح الطبيعية دون مبالغة. اليابانيات يرين الجمال في الهدوء والتوازن، لذلك تميل إطلالتهن إلى اللمسات الهادئة والبشرة الخالية من العيوب دون لمعان مفرط.
أما في كوريا، فالجمال يتمحور حول “البشرة الزجاجية” أو المظهر المضيء واللامع. المكياج الكوري يهدف إلى منح الوجه مظهرًا شبابيًا ومشرقًا، وكأن البشرة مضاءة من الداخل. هناك تركيز كبير على منتجات العناية بالبشرة والترطيب، لأن القاعدة الأساسية لديهم تقول: “المكياج الجميل يبدأ ببشرة صحية.”
المكياج الياباني: البساطة والأناقة في كل لمسة
يُعرف المكياج الياباني بأنه مكياج يركز على التفاصيل الصغيرة التي تبرز الجمال الطبيعي دون تغيير الملامح الأصلية. يعتمد على ألوان ناعمة، تغطية خفيفة، وإطلالة أنيقة تناسب مختلف المناسبات دون أن تكون صاخبة.
من تجربتي الشخصية، المكياج الياباني يشعرك بالراحة والانسجام، فهو لا يهدف إلى إخفاء العيوب فحسب، بل إلى إبراز الجمال الداخلي بطريقة راقية.
البشرة في المكياج الياباني تكون شبه مطفية، أي لا لمعان مفرط فيها. تُستخدم الأساسات الخفيفة أو البودرة لتوحيد اللون، ويُفضل الابتعاد عن الهايلايتر القوي. أما الخدود، فتعتمد اليابانيات ألوانًا وردية هادئة تُطبّق برفق على منتصف الخد لإعطاء مظهر طبيعي يشبه الاحمرار الخفيف.
العيون في المكياج الياباني بسيطة لكنها أنثوية للغاية. غالبًا ما يُستخدم الآيلاينر البني أو الرمادي لرسم خط رفيع قريب من الرموش، مع مسحة بسيطة من ظلال العيون بلون بيج أو وردي باهت. الهدف هو توسيع العين دون أن تبدو مرسومة بشكل مبالغ فيه.
أما الشفاه، فهي تتميز بألوان ناعمة تميل إلى الوردي أو المرجاني، وغالبًا ما تُستخدم تقنية “الشفاه المائية” التي تجعل اللون يبدو خفيفًا في الأطراف وأكثر تركيزًا في المنتصف، مما يعطي لمسة شبابية طبيعية.
المكياج الكوري: إشراقة وحيوية لا مثيل لها
إذا كان المكياج الياباني يرمز إلى الهدوء، فإن المكياج الكوري هو عنوان الحيوية والنضارة. يهدف هذا الأسلوب إلى جعل البشرة تبدو مشرقة ونضرة كما لو كانت مبللة بالندى.
يعتمد المكياج الكوري على منتجات ترطيب قوية قبل وضع الأساس، مثل التونر والسيروم وكريم الترطيب. هذا الروتين التحضيري هو ما يمنح البشرة ذلك اللمعان المميز.
البشرة في المكياج الكوري تكون “مضيئة” وليست مطفية، لذا يُستخدم الـBB Cream أو الـCC Cream بتركيبة خفيفة ولامعة. يفضل الكوريات الابتعاد عن البودرة الثقيلة لأنها تخفف من الإشراقة الطبيعية.
أما بالنسبة للعيون، فيميل المكياج الكوري إلى استخدام الألوان الدافئة مثل البرونزي أو الوردي الخفيف، وغالبًا ما تُضاف لمسة لامعة خفيفة في الزاوية الداخلية للعين لإضفاء مظهر مشرق. الرموش تُترك طبيعية أو مع طبقة خفيفة من الماسكارا، دون استخدام الرموش الصناعية الثقيلة.
الشفاه في المكياج الكوري معروفة بتقنية “التدرج اللوني”، حيث يوضع اللون الأقوى في منتصف الشفاه ويمتد تدريجيًا نحو الخارج، مما يمنحها مظهرًا طبيعيًا وجذابًا في الوقت نفسه.
أبرز الاختلافات بين المكياج الياباني والكوري
الفرق بين المكياج الياباني والمكياج الكوري لا يقتصر فقط على المظهر النهائي، بل يمتد إلى الفلسفة التي يقوم عليها كل نوع. اليابان تميل إلى الرصانة والهدوء، بينما كوريا تفضل الإشراق والحيوية.
من حيث القوام، يميل المكياج الياباني إلى المنتجات ذات التغطية المتوسطة أو الخفيفة مع لمسة مطفية، بينما يعتمد المكياج الكوري على التغطية اللامعة والتركيبة المرطبة.
كما أن اليابانيات يفضلن ألوانًا محايدة تعكس الرقي مثل الوردي الفاتح أو البني الترابي، في حين أن الكوريات لا يخشين تجربة ألوان أكثر إشراقًا مثل المشمشي أو المرجاني أو حتى الأحمر الهادئ.
من ناحية الشكل العام، يمكن القول إن المكياج الياباني يناسب المرأة العملية التي تفضل الإطلالة الراقية والناعمة، بينما المكياج الكوري يناسب من تحب الظهور ببشرة مضيئة ولمسة شبابية.
كيف تختارين الأسلوب المناسب لك؟
الاختيار بين المكياج الياباني والمكياج الكوري يعتمد على نوع بشرتك وذوقك الشخصي وأسلوب حياتك.
إذا كنتِ تفضلين المظهر الطبيعي والبشرة المطفية التي تدوم طويلًا، فإن المكياج الياباني سيكون خيارك الأفضل.
أما إذا كنتِ تبحثين عن بشرة مشرقة ومليئة بالحيوية، فالمكياج الكوري هو ما تحتاجينه.
على سبيل المثال، إن كنتِ تعملين في بيئة رسمية أو تحبين الإطلالة البسيطة اليومية، ستناسبك الخطوط الرفيعة وألوان الخدود الناعمة التي يقدمها المكياج الياباني.
لكن في المناسبات الاجتماعية أو الخروجات النهارية، يمكنك تجربة اللمسة الكورية لإبراز إشراقتك الطبيعية وجعل وجهك يبدو أكثر حيوية.
تأثير الثقافة والموضة على المكياج
كلا من اليابان وكوريا تتأثران بثقافة الموضة المتغيرة بسرعة. في اليابان، هناك تيارات مثل “Kawaii” التي تركز على الجمال الطفولي والناعم، وقد أثرت كثيرًا على أسلوب المكياج الياباني الذي يسعى للحفاظ على ملامح شابة وناعمة.
أما كوريا، فالثقافة الشعبية (K-pop وK-drama) لها تأثير ضخم على صيحات المكياج. معظم الفتيات في كوريا يستلهمن إطلالاتهن من نجمات الكيبوب، ولهذا تجدين أن المكياج الكوري دائمًا ما يكون لامعًا، متجددًا، ومليئًا بالحياة.
منتجات مميزة من كل ثقافة
من أبرز منتجات المكياج الياباني تلك التي تركز على الجودة العالية والنتائج الطبيعية مثل الأساسات الخفيفة والماسكارا الدقيقة التي تبرز الرموش دون تكتل. الماركات اليابانية مثل Shiseido وKose وCanmake تشتهر بمنتجاتها العملية والمناسبة للبشرة الحساسة.
أما المكياج الكوري، فيتميز بمنتجات مبتكرة تجمع بين العناية بالبشرة والتجميل، مثل الكريمات المضيئة وأقنعة الوجه المغذية. الماركات الكورية مثل Etude House وInnisfree وLaneige تقدم منتجات تعكس فلسفة “البشرة الصحية أولًا.”
رأيي الشخصي وتجربتي مع الأسلوبين
بعد تجربتي لكلا الأسلوبين، وجدت أن المكياج الياباني يناسب الأيام التي أبحث فيها عن إطلالة راقية وطبيعية دون عناء، بينما أختار المكياج الكوري عندما أريد بشرة مشرقة ولمسة من الحيوية.
كلاهما جميل بطريقته الخاصة، والأجمل أن بإمكانك المزج بينهما بحسب المناسبة والمزاج. يمكنك استخدام أساس مكياج كوري يمنحك إشراقة، مع أسلوب عيون ياباني أكثر هدوءًا للحصول على توازن مثالي بين النعومة والتألق.
في النهاية، الفرق بين المكياج الياباني والكوري لا يتعلق بالأدوات فقط، بل هو انعكاس لثقافة الجمال في كل بلد.
المكياج الياباني يعبر عن الهدوء والبساطة، بينما المكياج الكوري يمثل الحيوية والإشراقة.
اختيارك بينهما يعتمد على ما تريدين أن تعبّري عنه: هل هو الجمال الهادئ الراقي، أم الإطلالة المشرقة المفعمة بالحياة؟







